يمكننا القول أن "الحرب على الإرهاب" التي جاءت ردا على أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، أثبتت أنها كانت نموذجا خاطئا في السياسة
الأمنية. فقد تسببت في المزيد من العنف والحروب وانهيار العديد من الأنظمة والقواعد سواء في داخل البلدان أو على المستوى الدولي. والآن تطالب السياسة والمجتمع بشكل متزايد بالأبحاث المتعلقة بالسلام والأزمات بصفتها بديلا عن تلك السياسة.
فالتصور القائم على أنه من السهل نسبيا قيادة مجتمعات ما بعد الحرب نحو ديمقراطية السوق الحرة، من خلال تدخلات خارجية أو دولية، هو محض خيال.
فينبغي أن يتحقق السلام أولا على يد أبناء المجتمع في البلد الواحد وأن يعيشوه في حياتهم اليومية العملية والفكرية والانسانية.
فمن أبحاث المراكز المتخصصة حول السلام في العالم يوجد على سبيل المثال العديد من المساهمات حول بناء السلام ومعالجة الأزمات والصراعات سلميا، وهو مبدأ يجمع بين إدارة الأزمات وحل الصراعات ويمكن اعتبار المانيا نموذجا في هذا المجال
لقد تطور الكثير من الابحاث بشكل خاص في مجال معالجة الأزمات مؤخرا، من الوقاية إلى الوساطة، وصولا إلى تقوية وتدعيم المجتمع المدني الذي يعتبر الركيزة الاساسية لتحقيق اي سلام حقيقي .
فلقد نشأت مؤسسات وتطبيقات عملية، منها على سبيل المثال مركز مهمات السلام الدولية (ZIF). وبنتيجة مشروعه في متابعة التفكير بالسياسة الخارجية عمدت وزارة الخارجية الألمانية من خلاله إلى تأسيس قسم هو : قسم الوقاية من الأزمات وتحقيق الاستقرار ومعالجة آثار الصراعات وتقديم المساعدات الإنسانية، وهي جميعها خطوات يتم تطويرها من خلال أبحاث السلام والأزمات وينبغي الاستفادة ومنها ونسخ التجربة من خلال اقسام شبيهة في وزارة خارجية كل دولة خاصة تلك التي تعاني أزمات مثل اوكرانيا
.
بالإضافة إلى ذلك تبحث السياسة الخارجية لأي دولة عن إجابات حول كيفية التوصل إلى السلام الاجتماعي الداخلي والحفاظ عليه. وفي المحصلة، فإن آثار الحروب الداخلية والإقليمية قد وصلت إلينا منذ زمن بعيد و"خطر الإرهاب" والمخاوف المحيطة باندماج اللاجئين او عدم اندماجهم بالمجتمعات التي يعيشون بها تتسبب بالكثير من الاستقطاب أيضا في أوروبا، وتشكك في مبادئ التضامن الاجتماعي.
و مركز العلاقات الدولية للسلام والأمن في اوكرانيا من خلال تعاونه مع عدد من المعاهد والكليات المعنية جميعها بدراسات وأبحاث السلام والأزمات والصراعات نسعى للوصول الى ما تقوم به الجامعات الأوروبية اليوم بتأهيل الخبراء بشكل أكثر حرفية وتعمقا مما كانت عليه الحال قبل سنوات، كي يقوم هؤلاء فيما بعد بتطبيق معارفهم عمليا في مجال السلام، من خلال عملهم في المنظمات الدولية أو المؤسسات الحكومية أو في منظمات غير حكومية معتمدين على نماذج ناجحة كمعهد هامبورغ لأبحاث السلام والسياسة الأمنية (IFSH)، ومركز بون الدولي (BICC) .
ان نشر السلام لا يعني فقط وقف الأعمال الحربية والتوصل إلى وقف النار، وإنما حل المشكلة من جذورها. ولهذا يتوجب على سبيل المثال التفاوض مع مختلف الفرقاء المتصارعين من أجل مشاركة الجميع في الحل السياسي، وإطلاق عمليات المصالحة والمسامحة، وإعادة قدرات الجهات الإدارية والنظام القضائي. لهذا تكون غالبية مهمات السلام متعددة المحاور والأبعاد: عسكرية، شرطية، مدنية، تسعى مجتمعة إلى تحقيق مشروع السلام
لذا نسعى لكي يكون بمقدور القوى التخصصية المدنية تجنب نشوب النزاعات من خلال قيامها بتحريك مشروعات اجتماعية في البلد والمناطق المعنية بالنزاع خاصة ، وتأهيل القوى البشرية واستثمارها في مجال السلام والمساعدة في عودة مناطق الحرب إلى الحياة المدنية، ودعم العمل السياسي والاجتماعي لمزيد استقرار
.
Commenti